منتدى استثمار يعزز صورة السعودية لكن البعض يشير للحاجة إلى المزيد

لم يظهر ولي العهد السعودي هذا الأسبوع إلا بشكل خاطف بمنتدى الاستثمار الرئيسي للمملكة الذي اجتذب بشكل كبير قادة وشركات تربطهم مصالح استراتيجية بالدولة الخليجية واختُتم بصفقات هزيلة بعض الشيء ونهاية محبطة.

وكان بعيدا كل البعد عن النسخة الافتتاحية لمبادرة مستقبل الاستثمار في 2017 عندما كشف ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي تلقى ترحيبا من الغرب وقتئذ باعتباره مصلحا جريئا، رؤيته لمملكة تتسم بالحداثة والتسامح وتبني مدنا مستقبلية.

لكن بينما تستعد الرياض لتولي رئاسة مجموعة العشرين، فإن قدرتها من جديد على جذب أسماء كبيرة بعد مقاطعة غربية لنسخة العام الماضي من الفعالية يبدو أنها بدأت التعافي من الضرر الذي لحق بصورة الأمير في أعقاب مقتل صحفي سعودي بارز.

وقال نيل كويليام الباحث الكبير في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية البريطانية الذي حضر المنتدى ”كان الإعداد لهذه النسخة من مبادرة مستقبل الاستثمار يوحي كما لو أن المملكة على وشك أن تشهد تحسنا مع بدء المستثمرين في إلقاء نظرة أخرى على الفرص، بالرغم من أن الكثيرين فضلوا أن يظلوا بعيدين عن الأضواء“.

وقال بعض المشاركين، الذين تحدثوا بشرط عدم نشر أسمائهم، إن حالة عدم الارتياح استمرت فيما يتعلق بمقتل جمال خاشقجي في أكتوبر تشرين الأول 2018 داخل قنصلية المملكة باسطنبول، وهو ما أقر الأمير محمد بحدوثه في ظل وجوده في السلطة، لكنه أنكر إصدار أمر بقتله. وتعتقد وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وبعض الحكومات الغربية أنه فعل ذلك.

وقال مسؤول تنفيذي يعمل في أوروبا ”لا أعتقد أن أيا منا يشعر بأن جميع الأمور عادت إلى طبيعتها. لا تزال هناك الكثير من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها“. لكنه أضاف أن المنطقة مهمة للتقنيات التحولية.

وقال البعض إنه حتى تُصلح الرياض صورتها بالكامل فإنها تحتاج إلى إظهار أنها تحسنت فيما يتعلق بعثرات في السياسة الخارجية مثل حرب اليمن وتحركات محلية تشمل سجن معارضين وحملة في 2017 ضد الفساد حولت فندق الريتز كارلتون، الذي يستضيف المؤتمر، إلى سجن فاخر.

 

وقال مصرفي غربي كان من الحاضرين ”يحتاجون إلى الاستمرار في فعل أشياء جيدة وعدم ارتكاب أي أخطاء مجددا. في النهاية ستستقر الأمور“ مضيفا أن مقتل خاشقجي ”سيظل حاضرا لفترة طويلة“.

*وجوه مألوفة .. صخب أقل

وكانت وول ستريت، تحت وقع الإغراء من طرح مزمع لعملاق النفط السعودي أرامكو، حاضرة بالحدث. وكان بعض الرؤساء التنفيذيين الذين نأوا بأنفسهم العام الماضي حاضرين هذا العام، بما في ذلك رؤساء إتش.إس.بي.سي وبلاكستون وبلاك روك. وأرسل جيه.بي مورجان وجولدمان ساكس مسؤولين تنفيذيين كبارا.

واعتلى المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة سوفت بنك ماسايوشي سون المنصة مجددا بعد أن كان قد ألغى كلمته العام الماضي. وبينما كان جالسا بجانب الأمير محمد في 2017، تعهد للقاعة المكتظة بالاستثمار في مدينة نيوم العملاقة البالغة استثماراتها 500 مليار دولار والتي كان إعلان المملكة عنها جديدا وقتئذ.

وعندما تحدث مجددا يوم الأربعاء، كانت القاعة إلى حد كبير خاوية. وغاب الأمير محمد.

وحضر الحاكم الفعلي للسعودية، والذي لم يلق قط كلمة بالمنتدى، يوم الثلاثاء بينما تحدث زعيما الأردن والهند والمستشار الكبير بالبيت الأبيض جاريد كوشنر الذي تجمعه به علاقة وثيقة.

وعلى عكس العام الماضي، عندما كسر صمته على المنصة بشأن مقتل خاشقجي، لم يتريث الأمير محمد لالتقاط صور ذاتية (سيلفي).

 

وقال المشارك ”العداء في الكونجرس ملحوظ، بدءا من المتدربين وصولا إلى النواب… هناك عدد أقل من الرؤساء التنفيذيين (مقارنة بنسخة 2017). لا يودون أن يُشاهدوا هنا“.

وبدأ المؤتمر بصخب، إذ استقبلت فرقة للرقص الحر وشاشات تعمل بتقنية التعرف على الوجه الحضور الذين اكتظت بهم غرفة للوقوف فقط. لكن بحلول يوم الخميس، خفتت كثافة الحضور إلى أن امتلأت المقاعد بعد سريان شائعات عن أن الأمير محمد سيتحدث. ولم يظهر قط.

*صفقات ضئيلة

وفي دلالة على أن المؤتمر الذي يستهدف استعراض مستقبل السعودية بعيدا عن النفط يفقد بريقه، لم يتم الإعلان سوى عن اتفاقات استثمار بقيمة 20 مليار دولار، مقارنة مع 56 مليار دولار في نسخة العام الماضي عندما انتزعت أرامكو أغلب الصفقات.

وخلال كلمات ألقوها بالفعالية، تحدث قادة عالميون، بينهم قادة من الأردن والبرازيل ونيجيريا وكينيا، عن اقتصادات بلادهم، بينما استغلت شركات تكنولوجيا الجلسات للترويج لمنتجاتها.

وقال طارق فضل الله من نومورا لإدارة الأصول ”كنت أود أن أرى تركيزا أكبر على التقدم في خطط الإصلاح التي تتكامل مع رؤية 2030“.

وقال ريتشارد لاكيل من ستيت ستريت جلوبال أدفيزرز إنه في ضوء أن المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم وأكبر اقتصاد عربي، فإن مسعى الرياض لتنويع الاقتصاد يجتذب اهتماما كبيرا، وبخاصة في أسواق رأس المال.

 

وحفزت إصلاحات اجتماعية تطورا في مجالي الترفيه والسياحة، لكطن مشروعات عملاقة مثل نيوم لم تشهد إلا تقدما ملموسا بشكل ضئيل.

ولا يزال أغلب المستثمرين يركزون على طرح أرامكو الذي طال انتظاره، والذي لم يتحقق في عدة مرات سابقة. وأكد وزير الطاقة السعودي للحضور يوم الأربعاء أنه سيحدث قريبا.

 

(رويترز)