توقعات بانكماش الاقتصاد الإيرانى نهاية العام بسبب تفاقم تداعيات كورونا

جاءت جائحة كورونا لتسدد إلى الاقتصاد الإيراني ضربة قوية في عام 2020 ربما تفوق في تداعياتها المجتمعية والمعيشية إثر العقوبات الأمريكية التى استطاع الإيرانيون الالتفاف عليها حينا أو التعايش معها احيانا، فقد فاقمت أزمة كورونا مشكلات الاقتصاد الإيراني المتداعى وزادته وهنا على وهن، كما أكدت أثار كورونا الاقتصادية أن مؤشر العداء الأمريكي الإيراني ما يصحبه من عقوبات ليس هو دائما المتغير المؤثر في أوضاع الاقتصاد الإيراني. 

ويتوقع البنك الدولي أن تفاقم تداعيات جائحة كورونا المستجد من إثر العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على إيران بسبب ملفها النووي، وهو ما جعل البنك الدولي يقدر قوة الاقتصاد الإيراني بحلول نهاية العام الجاري 2020 بنسبه لا تتعدى 83 في المائة عن قوة الاقتصاد الإيراني عام 2017، قبل أن تنسحب الولايات المتحدة أحاديا من الاتفاق النووي مع طهران في 2018.

كذلك أدت العقوبات الثانوية المفروضة على المؤسسات والشركات المتعاملة مع إيران وعلى شركات بلدان الطرف الثالث التي عادة ما تكون وسيط تعامل بين الإيرانيين وعملائهم إلى إلحاق أضرار فادحة بالاقتصاد الإيراني خلال العامين الماضيين جعلت البنك الدولي يتوقع انكماشا نسبته 3ر5 في المائة في الاقتصاد الإيراني بنهاية العام الجاري 2020 .

وبرغم كورونا .. كشفت دراسة صادرة عن مركز أمريكي أن إيران نجحت في الالتفاف جزئيا على العقوبات الأمريكية خلال العام الجاري الموشك على الانتهاء، وأن طهران استطاعت في سبتمبر الماضي مضاعفة صادراتها النفطية من البترول الخام ومركزات الغاز ووصلت بها إلى 5ر1 مليون برميل يوميا مقابل ما يتراوح بين 600 إلى 700 ألف برميل في أغسطس الماضي، وبرغم ذلك أكدت الدراسة أن معدلات تصدير النفظ الإيراني لم تعد إلى سابق عهدها قبل إعادة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض العقوبات عليها في منتصف 2018 حيث كانت إيران تصدر يوميا 7ر2 مليون برميل .

وفي الأول من أكتوبر الماضي، اعترف وزير النفط الإيراني بيجام نامدار زنجانه لنواب البرلمان، بأن طهران لجأت إلى “التحايل المستندى” لشحنات نفطها المصدر إلى أسواق العالم حتى تتفادى عمليات التتبع التي تقوم بها الولايات المتحدة لمراقبة العقوبات وهو ما نجح فيه الإيرانيون .

ويؤكد المراقبون على أن عودة الولايات المتحدة إلى مظلة الاتفاق النووى مع إيران ( اتفاق 5 + 1 ) بحسب ما ألمحت إليه شخوص بارزة في إدارة جو بايدن القادمة سيكون له أثر جيد على أوضاع الاقتصاد الإيراني وسيعزز من قدرته على الصمود في مواجهة جائحة الكورونا، وبرغم ذلك سيكون متعينا على إيران الاستمرار في مواصلة التعايش مع الكورونا ومع حالة الضغط العقابي في ظل ما تبقى من أيام لإدارة ترامب الحالية ودخول بايدن إلى المكتب البيضاوي الشهر القادم، وقيام إدارته بإعاده النظر في ملف التعامل الأمريكى مع إيران.

وتعطي قيمة العملة الإيرانية مؤشرا صادقا لا يكذب و لا يتجمل حول حقيقة أوضاع الاقتصاد الإيراني الراهنة، فمنذ يناير 2018 انخفضت قيمة الريال الإيراني أمام الدولار الأمريكي بنسبة 450 في المائة ليسجل 318 ألف ريال إيراني مقابل 42 ألفا و880 ريالا إيرانيا للدولار الأمريكي الواحد وذلك في الثامن عشر من شهر أكتوبر الماضي، وبرغم ذلك ثبتت إيران سعر صرف عملتها الوطنية عند 42 ألف ريال للدولار الواحد كسعر رسمي وذلك اعتبارا من مارس 2019 .

ويعنى ذلك بالنسبه للإيرانيين تعزيز صادراتهم التي باتت بفضل انخفاض الريال الإيراني أرخص للمستوردين، لكن في المقابل يعني ذلك أيضا ارتفاع فاتورة الواردات الإيرانية من العالم لما تحتاجه من تكنولوجيا ومستحضرات طبيه ومعدات تصنيع، كما أدت التراجعات المتتاليه في سعر صرف العملة الإيرانية إلى إحداث صدمات متتاليه لمستوى معيشه الإيرانيين وأصابت تلك التراجعات الأسواق الإيرانية بحالة من عدم التيقن وهو ما أثر بدوره على دراسات الجدوى الخاصة بأية استثمارات جديدة مهما تناهى صغر حجمها.

ويتوقع المراقبون، أنه في حالة استئناف الإدارة الأمريكية القادمة بقيادة جو بايدن الأنضواء تحت مظلة الاتفاق النووي مع إيران ستنتهى بصورة كبيرة حالة “الدولرة” التي يشهدها الاقتصاد الإيراني وهى الحالة التي تعني ارتفاع الطلب على اقتناء الدولار كبديل آمن ومخزن للقيمة عن الريال الإيراني.

وكان الاقتصاد الإيراني شهد حالة حادة من الدولرة في العام 2012 عكستها بوضوح قيمة الريال الإيراني في مواجهة الدولار الأمريكي، ففي مايو 2012 سجل الدولار الأمريكي 15.7 ألف ريال إيراني وعندما صدر قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أكتوبر 2012 بيع الدولار الأمريكي 33 ألف ريال إيراني وهو ما شكل في حينه أقسى هبوط للعمله الإيرانية طيله عقود.

وفي سبتمبر 2020 بيع الدولار الأمريكي لقاء 273 ألف ريال إيراني في أسواق الصرف غير الرسميه عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عوده العمل بكافه العقوبات الأمميه المفروضه على إيران، وفي الأول من أكتوبر الماضي بيع الدولار الأمريكي لقاء 300 ألف ريال إيراني مسددا ضربة جديدة للريال.

 

(أ ش أ)